السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ستموت عند العد للمائة
يحكى أن رجُلاً حُكم عليه بالسجن مدى الحياة لجرمٍ ارتكبه , فمل من حياته ولم يُطق عليها صبرا , فحاول البحث عن طريقةٍ مُجديةٍ للانتحار ولكنه لم يجد ; لأن السجانين واعين من هذه الناحية ويريدون له الحياة حتى ينال عقابه ولا يهنئ بالموت ! فحاول الإستمراض حتى يُؤخذ إلى طبيب السجن وفعلاً نجح في ذلك , فلما قابل الطبيب حدثه عن رغبته بالانتحار وأن يجد له طريقة دون أن يُضر بالطبيب , فقال له خُذ هذه القارورة المعبأة بالسم واحلق شعر رأسك , واجعلها أعلاك وتنقط عليك واحدةً تلو الأخرى وابدأ العد للمائة , وعند بلوغها ستموت ! فنفذ الرجل ما طلبه منه الطبيب بينما كان يراقبهُ , و مات عند وصوله الرقم ستة وستون (66) ! وكان محتوى القارورة ماءً ولا يحوي أي إضافات أو مواد سامة !
وسأحكي قصة أخرى لأحاول تقريب ما أرمي إليه , يُحكى أن رجلاً طُرد من المدينة لعدم امتلاكه النقود لسداد الإيجار ويريد أن يعود إلى قريته لعدم قدرته على العيش في المدينة , ولم يكن يمتلك القيمة التي تؤهله لركوب القطار والعودة إلى الديار , فحاول بشتى الطرق والحيل وفشل فيهن جميعاً , وحاول أن يجد عربة لا تخضع لقوانين الركوب والتذاكر فوجد واحدة وتسلل إليها وأغلق الباب على نفسه , وإذا بهِ يكتشف أنها عربة نقل اللحوم "برادة" , والطريق طويل , وهو للبرد من الكارهين , وعلى شدته ليس من القادرين , وعن فتح الباب والخروج من العاجزين , وظن أنه سيموت من البرد قبل وصوله إلى قريته , وبدأ يُحدث نفسه بالموت ويسترجع شريط الذكريات وينتفض من شدة البرد ويندب حظه , فلما وصل القطار إلى القرية اكتشف عمال القطار أن في عربة التبريد ميتاً ! فهبوا إلى سائق القطار ليخبروه عن الأمر , فقالوا له أنهم وجدوا شخصاً مات من البرد في عربة نقل اللحوم , ثم أسفِ على هذا الأمر , ولكنه استدرك سريعاً أن البرادة القابعة في عربة اللحوم معطلة , فكيف مات الرجل من البرد !
هاتان القصتان تؤكد أن حديث الإنسان لنفسه مهماً , ويؤثر عليه وينعكس على شخصيته مهما كان حدَ الموت , فحريٌ بهِ أن يحدثها بكل خير , وهناك حديثٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه "تفاءلوا بالخير تجدوه" (لا أعلم للحديث سندٌ ثابت ولكنه يخدم الفكرة وقد يؤكد صحته الحديث القدسي "أنا عند ظن عبدي بي") وهذا يدل بشكل أو بآخر أن حديث النفس سواءً كان بخير أو بغيره سيتحقق , فليكن خيراً إذن , فإذا كان شعور الإنسان حيال أمرٍ قائم سلبياً ستكون النتيجة حتمياً كذلك إلا ما قل أو ندر , وأعتقد أن هذا ما يسمى في علم النفس بالإيحاء , فما تُحدث به نفسك وما يزرعه الناس فيك يُثمر بطريقة أو بأخرى , وكما كان هتلر "يكذب الكذبة ويصدقها" وتتحقق حتى حكم العالم أو بعضه أياماً مضت وقد كان هذا الأمر حديثٌ بينه وبين نفسه.
تحياتي